Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تقرير صحفي عن نقص فيتامين د في المملكة

نقص فيتامين د في المملكة

تعتبر الفيتامينات من المركبات الحيوية العضوية الهامة والتي لا يستطيع جسم الإنسان بطبيعته التي خلقها -الله سبحانه وتعالى -أن يكون قادراً على تكوين معظمها في أنسجته الداخلية. لذا فهي من المركبات الهامة والتي يحتاج إليها الجسم من المصادر الغذائية وبكميات ضئيلة، نظرا لدورها الهام في عمليات التمثيل الغذائي بالجسم، ومساعدته على النمو والمحافظة على حيوية الجسم. ومن بين تلك الفيتامينات فيتامين D". الذي يعتبر من أهم الفيتامينات ضرورة للجسم. فيتامين "د "هو عنصر غذائي وفي نفس الوقت هرمون داخل الجسم  ومن أهم مصادره الطبيعية التعرض لأشعة الشمس حيث يتم تصنيعه تحت الجلد بعد (5 دقائق )من التعرض لأشعة الشمس حيث إن 90% من احتياجا تنا من فيتامين "د" من أشعة الشمس لذا يسمى (فيتامين الشمس) والباقي أي10% من الغذاء.

     في الحقيقة يوجد نوعان من فيتامين "د" : فيتامين د (2) إيرقوكالسيفرول ومصدره النبات وفيتامين د3 كولي كالسيفرول ومصدره أشعة الشمس حيث يتحول دي هايدروكوليسترول في جلد الإنسان إلى فيتامين د3 والذي بدوره يتحول عن طريق الأكسدة في الكبد والكلى إلى فيتامين "د "النشط كالسيتريول. ويكفي التعرض لأشعة الشمس مباشرة لمدة 10 دقائق يوميا ليمدنا ب 1000 وحدة دولية من فيتامين "د"وهي كافية للاحتياج اليومي للجسم من فيتامين د. ويكون هذا التعرض مباشرة ويكفي 10% من الجسم مثل اليدين والقدمين وافضل الاوقات للتعرض للشمس هو منتصف اليوم من الساعة 9 صباحا الى الساعة الثالثة بعد الظهر(في فصل الشتاء) أما في الصيف فهو من 8-10 صباحا و من 2-4 بعد الظهر بخلاف ماهو سائد عند بعض الناس وذلك لوجود الأشعة فوق البنفسجية "ب "في هذا الوقت وهي التي تساهم في تكون فيتامين "د "عن طريق الجلد. وبالإمكان أيضاً التعرض نصف ساعة لمدة 3-4 أيام أسبوعياً ليمد نا بما يلزم من فيتامين د". ويجب أن ننوه بأن وجود الكريمات على الجلد أو الزجاج أو عدم التعرض مباشرة لأشعة الشمس يقلل من التزود بفيتامين"د"

     بالرغم من ان أشعة الشمس هي المصدر الرئيسي لهذا الفيتامين، لذا فإنه قد لا يحصل معظم الناس على فيتامين D"" من المصادر الغذائية بشكل كاف. حيث يتوفر هذا الفيتامين بكميات متفاوتة في بعض المصادر الغذائية المتوفرة بالأسواق. فزيت كبد الحوت وكبد القرش وكبد سمك الهلبوت والأسماك الدهنية مثل التونة والسردين والماكر يل والرنجة مصدر جيد فيتامين D"". كذلك فإن المحار والكافيار بأنواعه تتوفر بها كميات لابأس بها من فيتامين D"" كذلك الحليب وخاصة الحليب كامل الدسم والبيض، وجبنة الريكوتا. ومن المصادر النباتية الحبوب المدعمة فهي من أكثر الأطعمة النباتية الغنية بفيتامين D"" والتي غالبا ما تؤكل مع الحليب، وينصح بتناول الأنواع التي يقل بها نسبة السكر. والمشروم (الفطر) وخاصة التي تعرضت للتجفيف تحت الشمس. وايضاً هناك أغذية مدعومة بفيتامين د مثل الحليب ومشتقاتة – بعض أنواع عصير البرتقال وبعض حبوب الافطار بالإضافة إلى المكملات الغذائية والعقاقير .

     وتبرز أهمية فيتامين "د "في أنه يساعد على امتصاص الكالسيوم والفوسفور وبالتالي له دور في صحة العظام وتقوية العضلات,ويلعب دورا كبيرا في محاربة كثير من الأمراض بخلاف ماكان يعتقد سابقا حيث خلصت الكثير من الأبحاث والدراسات إلى أهمية فيتامين"د" في تقليل خطر الإصابة بسرطان القولون والثدي وأمراض القلب والأمراض المناعية مثل:السكري النوع الأول,وأمراض الأنفلونزا والبرد.

     يعتبر نقص فيتامين د "مشكلة صحية في كثير من بلدان العالم خصوصاً تلك الدول  ذات الصيف القصير أو قلة أشعة الشمس بها.  لا أحد يختلف بأن بيئة بلدان العالم العربي تتمتع بأجواء مشمسة على مدار السنة، وبالرغم من ذلك فإن المجتمعات العربية عرضةً للإصابة بنقص في فيتامين" D "كمشكلة عامة بالجنسين والحوامل والرضع والصغار والمراهقين والبالغين والمسنين. فإن قلة التعرض لأشعة الشمس  لكون طقس البلدان العربية في الغالب يميل للحرارة في معظم فصول السنة، والذي يعيق الناس من ممارسة الأنشطة المختلفة خارج المباني، واستخدام أنواع من الملابس التي تمنع وصول أشعة الشمس إلى الجلد، ولون البشرة الداكن في غالب المجتمعات العربية والذي يزيد من كمية الوقت المطلوب لتكوين كمية كافية لفيتامين "D،" وغياب الوعي العام في تلك المجتمعات لأهمية أشعة الشمس والثقافة الغذائية الصحية كل هذه الأسباب جعلت مجتمعاتنا تعاني من مضاعفات مرضية كثيرة بسبب نقص هذا الفيتامين المهم. لذا فإن نقص فيتامين D"" له علاقة بأمراض القلب والشرايين، ومرض السكري، وأمراض الحساسية والربو وبعض الأمراض المعدية ومرض السرطان.

     أظهرت الدراسات والأبحاث العلمية في المملكة العربية السعودية وجود نقص فيتامين "د" لدى غالبية الناس ومن مختلف الأعمار للجنسين,نقص فيتامين "د "يؤدي إلى إصابة الشخص بالعديد من الأمراض المزمنة مثل هشاشة العظام,أمراض القلب,بعض أنواع السرطانات والتصلب المتعدد و الأمراض المعدية مثل السل والأنفلونزا.

     أجريت عدة دراسات حديثة في المملكة العربية السعودية وخلصت على أن النقص الشديد لفيتامين (د) سائد بين السعوديين الطبيعيين بشكل كبير جدا. تصل هذه النسبة إلى 97% في بعض الدراسات بل أن دراسة أجريت في مدينة جدة ونشرت في المجلة الطبية السعودية وجدت نسبة نقص فيتامين د بين السعوديين تصل إلى 100%. وفي دراسة لنا بمركز المؤشرات الحيوية بكلية العلوم، جامعة الملك سعود، وكرسي الأمير متعب بن عبدالله لهشاشة العظام خلصنا بأن نقص فيتامين د شائع بين المصابين بالسكري من النوع الثاني بشكل أكبر من غير المصابين واتضح انتشاره ايضا بين فئة الشباب ومتوسطي العمر. وتشير هذه النتائج إلى الحاجة إلى زيادة فيتامين (د) في النظام الغذائي السعودي، وتعزيز مكملات فيتامين (د) في كل الفئات العمرية المختلفة .

 

نشرت دراسة اجريت على 61 من الأطفال الرضع الذين يعانون من الكساح كان متوسط أعمارهم 16.5 شهرا. وجدت الدراسة تركيزات منخفضة جدا ل25(OH)D بالدم عند مستوى 8 نانوغرام/مل علما بأن المستوى الطبيعي يجب أن لا يقل عن 30 نانو غرام لكل مل. وفي دراسة أخرى تم أيضاً ربط الكساح بنقص فيتامين (د) في 59٪ من المراهقين السعوديين

يعتبر نقص فيتامين (د) شائعا جدا بين المراهقات في السعودية بنسبة (80 ٪) مع وجود مستويات ال25(OH)D أقل من 25 نانومول/لتر علما بأن المستوى الطبيعي عند استعمال وحدة النانومول لكل لتر يجب أن لا يقل عن 75 .  في دراسة حديثة تم قياس تركيز ال25(OH)D في 93 من الرجال الأصحاء والرياضيين ووجد بأن 91% منهم يعانون من نقص في ال 25(OH)D (متوسط التركيز لديهم كان 20نانوغرام/مل). بالإضافة إلى أن الرياضيين الذين يعانون من النقص الشديد كانوا أصغر عمراً بكثير من هؤلاء الذين يعانون من نقص أقل حدة.

     وعليه فإنه من الضروري الحصول على فيتامين (د) والكالسيوم بكميات كافية مناسبة خلال مرحلة الطفولة للوقاية من الأمراض بإذن الله وكذلك في فترة المراهقة لتكوين الكتلة العظمية المثلى حيث تمثل هذه المرحلة فترة النمو السريع للهيكل العظمي. اثبتت الدراسات ان انخفاض كتلة العظام (هشاشة العظام) منتشر بصورة كبيرة بين سكان العالم العربي عند مقارنتهم بالمجتمعات الغربية. وأكدت دراسات عدة بالمملكة العربية السعودية نقص معدل كتلة العظام وانتشار معدلات الإصابة بالهشاشة لدى السعوديات بعد سن الخمسين مقارنة بنظيراتهن في البلاد الغربية. و من المرجح بأن نقص فيتامين د المزمن منذ الصغر يلعب دورا محوريا في حدوث ذلك.

العوامل التي تسهم في نقص فيتامين (د) والسبل الوقائية

عطفا على عرض بعض الدراسات المقارنة أعلاه يمكننا الاستنتاج بأن المجتمعات العربية بشكل عام والمجتمع السعودي بشكل خاص لديها تركيزات منخفضة لفيتامين (د) ويعد هذا نذيرا ومؤشرا لمشاكل صحية خطيرة.  وقد يكون السبب الرئيسي لهذا النقص هو الانخفاض في انتاج الجسم الطبيعي لفيتامين (د) بسبب قلة التعرض لأشعة الشمس بقدر كاف ليقوم الجسم بتصنيع احتياجاته من هذا الفيتامين.  أكدت دراسات أن كمية فيتامين (د) الغذائية المتناولة عن طريق الغذاء قليلة وغير كافية لسد احتياجات الجسم وذلك لعاملين أولهما عدم توفر هذا الفيتامين بشكل كبير في المنتجات الغذائية والثاني هو عدم تناول الحليب ومنتجات الألبان والأسماك بصورة كافية. وعموما فهذه الأغذية بحاجة إلى تدعيمها بفيتامين د حتى تستطيع إمداد الجسم باحتياجاته.

 

تدعيم الأغذية

إن الاستهلاك الغذائي لفيتامين (د) في المملكة العربية السعودية هو 100 وحدة دولية (50) وهي نسبة منخفضة جدا بالمقارنة مع الاستهلاك اليومي الموصى به دوليا من فيتامين (د) وهو 800 وحدة دولية. وهذا الاستهلاك الموصى به هو للأشخاص الذين لديهم نسبة طبيعية من الفيتامين بالدم. أما إذا كان هناك نقص لهذا الفيتامين بالجسم فهذا يحتاج لجرعات قد تكون كبيرة لسد النقص ثم لجرعات أقل بشكل دائم للمحافظة على المستوى بالدم ضمن النطاق الطبيعي.

هذا الاستهلاك المنخفض من فيتامين (د) يعتبر غير كاف لتحقيق التوازن بين فيتامين (د) المخزن بالجسم واستهلاك الجسم له، دون التعرض الكافي لأشعة الشمس وبالتالي قد يكون التعويض البديل الوحيد هو عن طريق تدعيم الأغذية به.

وتحتاج المملكه إلى برنامج شبيه لبرنامج تدعيم الحليب في ثلاثينات القرن الماضي في الولايات المتحدة الذي أدى إلى القضاء على الكساح هناك.  وكذلك قبل عقدين من الزمن عندما كانت المملكة المتحدة تواجه نقص فيتامين (د) والكساح نجحت في التغلب على هذه العواقب بواسطة الانتشار الواسع لمكملات فيتامين (د) .

كما أن عدة بلدان أخرى تستهلك كمية كبيرة من فيتامين (د) في المدخول الغذائي من خلال تدعيم الأغذية، المكملات الغذائية، أو الاستهلاك الكبير للأسماك.  لكن كما أسلفنا فإن عددا قليلا من الأطعمة تحتوي على فيتامين (د)مثل الاسماك الدهنية ( كسمك السلمون، التونة، والماكريل) وزيوت كبد الحوت تعتبر من بين أفضل المصادر مع وجود كميات قليلة من فيتامين (د) في كبد البقر، الجبن، وصفار البيض (52)، وكذلك منتجات الألبان المدعمة المصنوعة من الحليب مثل الجبن والألبان وحبوب الإفطار الجاهزة للأكل، كذلك بعض أنواع عصير البرتقال، والسمن ومنتجات غذائية أخرى مدعمة كالدقيق.

من الملاحظ أن تناول فيتامين (د) في بلدان مثل اليابان والنرويج أكثر شيوعا بسبب زيادة استهلاك الأسماك بدلا من تدعيم الاغذية.  أظهرت دراسة حديثة أن تدعيم عصير البرتقال بفيتامين (د) ب( 1000وحدة دولية/240مل من عصير البرتقال) لمدة 12 أسبوعا زاد وبأمان تركيزات ال 25(OH) D3 في الأشخاص البالغين .  تم مؤخراً نشر دراسة هامة لكرسي الأمير متعب بن عبدالله لأبحاث المؤشرات الحيوية لهشاشة العظام، وقد اقترحت الدراسة أنه للحفاظ على المستويات المثلى ل 25(OH)-vitamin D في الدم لاسيما خلال موسم الصيف يجب زيادة مكملات فيتامين (د) للسعوديين المقيمين في المنطقة الوسطى حيث تمنع درجة الحرارة العالية الاستفادة من أشعة الشمس في الحصول على فيتامين "د" بعكس موسم الشتاء.

على ضوء ما ذكرناه من دراسات علمية أعلاه، فإنه من الواضح أن ارتفاع معدل انتشار نقص فيتامين (د) في المجتمعات العربية لا سيما عند النساء والأطفال يحتم التشخيص المبكر قدر الإمكان كما يجب اتخاذ الإجراءات المناسبة من خلال عمل حملات صحية عامة، لتثقيف الجمهور ومطالبة المنظمات الصحية والدوائية والغذائية بضرورة استخدام مكملات فيتامين (د) وتدعيم الأغذية بهذه المادة الهامة لمكافحة هذا النقص المنتشر بشكل هائل بين مواطني المملكة.  وعليه فإن هذه الورقة تطلب من الهيئة السعودية للغذاء والدواء وضع استراتيجيات جديدة تكفل مكافحة هذا المرض عبر إضافة فيتامين (د) في المنتجات الغذائية المختلفة التي يمكن لكل الفئات العمرية استهلاكها في الحياة اليومية.

ومن أجل تجنب المشاكل الصحية المرتبطة بنقص فيتامين (د) لدى الأمهات والرضع فمن المستحسن تضمين الحليب والحبوب وعصير الفواكه في النظام الغذائي اليومي للمملكة العربية السعودية وتنظيم ذلك من قبل السياسات الوطنية لتدعيم الأغذية بالدولة. وينبغي في المستقبل القريب تركيز أنشطة البحوث على المدخول الغذائي اليومي المناسب من فيتامين (د) والذي من شأنه منع نقص فيتامين (د) مع محدودية التعرض للشمس في المجتمع السعودي.

بمقالي المتواضع هذا أدعو الزملاء في وزارة الصحة الذين أرى ويرى الجميع عملهم الدؤوب والمخلص والرائع بكل المقاييس وكذلك المخلصين في الهيئة السعوديه للغذاء والدواء الى التحرك العاجل لمعالجة هذه المشكلة.  

يضع الفريق العلمي للجمعية السعودية لهشاشة العظام وأعضاء كرسي الأمير متعب بن عبدالله لأبحاث المؤشرات الحيوية لهشاشة العظام كل خبراتهم العلمية المتعددة عبر فرقها العالمية والوطنية المتخصصة تحت تصرف الوزارة والهيئة وتطمح إلى العمل معا لوضع الإستراتيجيات والخطط القائمة على أسس علمية متينة بما يضمن المخرجات الإيجابية لتأسيس برامج لمكافحة نقص فيتامين د بين مواطني ومقيمي المملكة العربية السعودية.

كان لكرسي الامير متعب بن عبدالله لهشاشة العظام منذ تأسيسه نشاط علمي غير مسبوق في المجالات ذات العلاقة بنقص فيتامين د وهشاشة العظام في المملكه مع نشر 12 ورقة علمية في عام 2012 و  ورقة علمية عام 2013 فقط في مجلات علمية عالمية محكمة وإقامة العشرات من الندوات العلمية وورش العمل المتخصصة الامر الذي يجعله في موقع ريادي متميز للمساعدة في معالجة مختلف المشاكل المتعلقة بصحة العظام.

دمتم جميعا بخير وعافية.

تاريخ آخر تحديث : يناير 12, 2023 12:54ص